بحياته، وما أقسم بحياة أحد قط؛ كرامة له. والعمر والعمر واحد، إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح؛ لإيثار الأخف فيه؛ وذلك لأن الحلف كثير الدور على ألسنتهم؛ ولذلك حذفوا الخبر، وتقديره: لعمرك مما أقسم به، كما حذفوا الفعل في قولك: بالله. وقرئ: في (سكرهم) و (في سكراتهم). (الصَّيْحَة): ُ صيحة جبريل عليه السلام، (مُشْرِقِينَ) داخلين في الشروق؛ وهو بزوع الشمس. (منْ سِجِّيلٍ): قيل: من طين، عليه كتاب من السجل، ودليله قوله تعالى:

(حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ) [الذاريات: 33 - 34]، أي: معلمة بكتاب. (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) للمتفرّسين المتأملين. وحقيقة المتوسمين النظار المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء. يقال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: أراد أن قوله تعالى: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) إذا كان خطاباً للوط يجب أن يُقدر: قالت الملائكة: لعمرك. وإذا كان خطاباً لرسولنا صلى الله عليه وسلم لا يجب، ويكون جُملة معترضة للنعي عليهم، وتماديهم في ارتكاب تلك الفاحشة؛ لأن في عرض نبي الله لوط أفلاذ كبده على القوم، دليلاً على بلوغ الغاية في الأمر، وأنه بلغ السيل الزُّبى، وجاوز الحزامُ الطبيين، كأنه قيل: يا محمد، بحياتك أقسم، إنهم لفي سكرتهم يعمهون، مستمرون، فاستحضر تلك الحالة في مشاهدتك، وتعجب لها، يدلك عليه صيغة المضارع.

وقال محي السنة: لعمرك يا محمد وحياتك، عن ابن عباس أنه قال: ما خلق الله نفساً أكرم عليه من محمد صلوات الله عليه، وما أقسم بحياة احدٍ إلا حياته، وكذا عن الإمام.

قوله: (المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء) كأنه حد المتفرسين، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015