وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي، إلا من اختار اتباعك منهم؛ لغوايته. وقرئ: (عليّ)، وهو من علو الشرف والفضل. (لَمَوْعِدُهُمْ) الضمير للغاوين. وقيل: أبواب النار أطباقها وأدراكها، فأعلاها للموحدين، والثاني لليهود، والثالث للنصارى، والرابع للصابئين، والخامس للمجوس، والسادس للمشركين، والسابع للمنافقين. وعن ابن عباس رضي الله عنه: إن جهنم لمن ادعى الربوبية، ولظى لعبدة النار، والحطمة لعبدة الأصنام، وسقر لليهود، والسعير للنصارى، والجحيم للصابئين، والهاوية للموحدين. وقرئ: (جزء) بالتخفيف والتثقيل. وقرأ الزهري: (جزّ)، بالتشديد؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْغَاوِينَ) على طريقة القول بالموجب، وجعل ما جعله مستثنى منه: مستثنى، ليؤذن بأن المقصود الأولى نجاة المخلصين، كما أن مقصود اللعين أولاً الإغواء، وفيه أن اللعين استقل عباد الله المخلصين عدداً، حيث جعلهم مستثنى، وأن الله سبحانه وتعالى استكثرهم، اعتباراً وعدداً، حيث قلب القضية، ثم فرق ما لكل واحد من الفريقين بقوله: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) وقوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، ثم أمر حبيبه بالإنباء عن صفتي رحمته وغضبه بقوله: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)، وفيه أن جانب الرحمة سابق، حيث وصف الثواب بالعظم، كما وصف العذاب بالألم، بل وصف ذاته الأقدس على سبيل التوكيد وتكرير الضمير وتعريف الخبر وإرداف "الغفور" بـ"الرحيم"، وكذا في قوله: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) وإن لم يقل: وإنهم لفي جهنم، كما قال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ) إشارة إلى المعنى، كل هذا يدل على أن المشار إليه ما قررناه، وأن سياق الآيات لبيان جريان المشيئة واستبداد الحكم، لا رعاية المصالح ووجوبها، لأن الكلام في بدو إنشاء الإنسان.
قوله: (وقرئ (جُزْءٌ) بالتخفيف والتثقيل)، قال القاضي: قرأ أبو بكر: "جُز": بالتثقيل.