. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأنه كان يوماً، لأنه غير مفيد، وإنما القصد أن تخبر عن حر اليوم، فكأن الأصل: كان اليوم حاراً، وأعدت "يوم" لتجمع بين الصفة والموصوف، فكأنك قلت: كان هذا اليوم من الأيام الحارة، فكذلك قوله: (اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً) يجوز أن يراد: واجعل هذا البلد آمناً، فتدعو له بالأمن من بعد ما قد صار بلداً، ويكون مثل قوله: (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً)، وتكون الدعوة واحدة، قد أخبر الله عنها في الموضعين.
فأما قول من يقول: إنه جعل الأول نكرة، فلما أعاد ذكرها أعاد بلفظ المعرفة فليس بشيء".
وأما بيان النظم: فإنه تعالى لما عجب رسوله صلى الله عليه وسلم من حال قريش بقوله: (أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً) يعني: ألم تتعجب من حال قوم أنعم الله عليهم بأنواع النعم الجسيمة؛ حيث أسكنهم حرمه، وجعلهم قوم نبيه، ليكونوا في كنف هذا البلد الذي جعله الله حرماً آمناً، ويتخطف الناس من حولهم، وأكرمهم ببعثة أفضل الرسل؛ ليشكروا الله ويوحدوه، فعكسوا وجعلوا ما هو وسيلة إلى الأمن من سخط الله سبباً للحلول في دار البوار، وما هو ذريعة إلى الهداية والتوحيد سبيلاً إلى اتخاذ الأنداد وإضلال الخلق!
ثم أمر رسوله [صلى الله عليه وسلم] بأن يعرض عنهم ويكافحهم بكلمة المتاركة والمودعة إقناطاً وإياساً، وهي (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)، ويقبل إلى المخلصين من عباده، ويحرضهم على شكر تلك النعم التي لم يقوموا بشكرها بما هو أساس الحسنات، وأما العبادات- من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حالتي السر والعلانية- إلى قيام القيامة إلى يوم لا بيع فيه ولا خلال.