(تَمَتَّعُوا) إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر، وأنهم لا يعرفون غيره ولا يريدونه، مأمورون به، قد أمرهم آمر مطاعٌ لا يسعهم أن يخالفوه ولا يملكون لأنفسهم أمراً دونه، وهو أمر الشهوة. والمعنى: إن دمتم على ما أنتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ). ويجوز أن يراد الخذلان والتخلية، ونحوه: (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) [الزمر: 8].
[(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ)].
المقول محذوف، لأن جواب قُلْ يدل عليه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يراد الخذلان)، عطف على قوله: "قد أمرهم آمر مطاع، وهو آمر الشهوة"، فعلى هذا: الآمر الله على الخذلان، فقوله: "لانغماسهم في التمتع" علة الأمر على الوجهين.
قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: هذا أمر تهديد، فهو كقول الطبيب بعدما أمر المريض بالاحتماء مرات، ولم يقبل منه: كل ما تريد، فإن مصيرك إلى الموت، والمراد التهديد ليرتدع ويقبل ما يقول، وهو المراد من قول المصنف: "إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر".
وقال القاضي: "وفي التهديد بصيغة الأمر إيذان بأن المهدد عليه كالمطلوب لإفضائه إلى المهدد به، وأن الأمرين كائنان لا محالة، ولذلك علله بقوله: (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)، وأن المخاطب لانهماكه فيه كالمأمور فيه".
قوله: (المقول محذوف، لأن جواب (قُل) يدل عليه)، قال ابن الحاجب: " (يُقِيمُوا):