[(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ* وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)].
(بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ) أي: شكر نعمة الله (كُفْراً) لأن شكرها الذي وجب عليهم؛ وضعوا مكانه كفراً، فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر وبدلوه تبديلاً، ونحوه (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة: 82] أي: شكر رزقكم حيث وضعتم التكذيب موضعه. ووجه آخر: وهو أنهم بدلوا نفس النعمة كفراً على أنهم لما كفروها سلبوها فبقوا مسلوبي النعمة موصوفين بالكفر، حاصلاً لهم الكفر بدل النعمة. وهم أهل مكة: أسكنهم الله حرمه، وجعلهم قوّام بيته، وأكرمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا نعمة الله بدل ما لزمهم من الشكر العظيم. أو أصابهم الله بالنعمة في الرخاء والسعة لإيلافهم الرحلتين، فكفروا نعمته، فضربهم بالقحط سبع سنين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنهم بدلوا نفس النعمة كفراً)، فعلى الأول: التبديل: التغيير في الوصف، وإليه الإشارة بقوله: "فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر"، لأنهم إذا بدلوا شكر النعمة بكفرانها فقد غيروا صفة النعمة، وعلى الثاني: التغيير في الذات، كما قال: "بدلوا نفس النعمة كفراً". فعلى الأول: النعمة باقية، لكنها موصوفة بالكفران، وعلى الثاني: النعمة زائلة مبدلة بالكفران، فهم إذن كفرة فقراء.
قال في قوله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ) [إبراهيم: 48]: "التبديل: التغيير، وقد يكون في الذات، كقولك: بدلت الدراهم دنانير، وفي الأوصاف: كقولك: بدلت الحلقة خاتماً؛ إذا أذبتها وسويتها خاتماً".
قوله: (أو أصابهم)، عطف على "أسكنهم الله حرمه"، فيه لف ونشر، والأول مبني على أن التبديل التغيير في شكر النعمة بالكفران، والثاني على أن التبديل التغيير في النعمة