وقرأ أنس بن مالك: "كشجرة طيبة ثابت أصلها".
فإن قلت: أي: فرق بين القراءتين؟ قلت: قراءة الجماعة أقوى معنى، لأنّ في قراءة أنس أجريت الصفة على الشجرة، وإذا قلت: مررت برجل أبوه قائم، فهو أقوى معنى من قولك: مررت برجل قائم أبوه، لأنّ المخبر عنه إنما هو الأب لا رجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أعلى الشجرة أو على أغصانها؛ بأن يكتفى باسم الجنس عن الجمع.
الجوهري: "فرع كل شيء: أعلاه، وتفرعت أغصان الشجرة: كبرت".
قوله: (قراءة الجماعة أقوى معنى)، قال ابن جني: "لأنك إذا قلت: "ثابت أصلها" فقد أجريت الصفة على "شجرة"، وليس الثبات لها، إنما هو للأصل، ولعمري إن الصفة إذا كانت في المعنى لما هو من سبب الموصوف جرت عليه، وإذا كانت له كانت أخص لفظاً به، وإذا كانت الثبات في الحقيقة إنما هو للأصل، فالمعتمد بالثبات هو الأصل، فالأحسن تقديم الأصل عناية به، ومن ثم قالوا: "زيداً ضربته"، فقدموا المفعول، لأن الغرض ها هنا ليس ذكر الفاعل، وإنما هو ذكر المفعول، فقدم عناية بذكره، ثم لم يقنع بذلك حتى أزالوه عن لفظ الفضلة، وجعلوه رب الجملة لفظاً، فرفعوه بالابتداء، وصار قوله: "ضربته" ذيلاً له وفضلة ملتحقة به، فكذلك قولك: "مررت برجل أبوه قائم" أقوى معنى من قولك: "قائم أبوه"؛ لأن المخبر عنه بالقيام إنما هو "الأب" لا "رجل".
ومن هنا ذهب أبو الحسن في نحو قولنا: "قام زيد" إلى أن "قام" في موضع رفع، لأنه وقع موقع الاسم، لأن تقدير المحدث عنه أسبق رتبة من الحديث.
إلا أن لقراءة أنس وجهاً حسناً، وهو أن قوله: "ثابت أصلها" صفة لـ "شجرة"، وأصل الصفة أن تكون اسماً مفرداً، لأن الجملة إذا وقعت صفة حكم على موضعها بإعراب المفرد، فإذا قال: "ثابت أصلها" فقد جرت الصفة على أصلها، وإذا قال: (أَصْلُهَا ثَابِتٌ)