وهذا آخر قوله إبليس. وقوله (إِنَّ الظَّالِمِينَ) قول الله عزّ وجلّ، ويحتمل أن يكون من جملة قول إبليس، وإنما حكى الله عزّ وعلا ما سيقوله في ذلك الوقت، ليكون لطفاً للسامعين في النظر لعاقبتهم والاستعداد لما لا بدّ لهم من الوصول إليه، وأن يتصوّروا في أنفسهم ذلك المقام الذي يقول الشيطان فيه ما يقول، فيخافوا ويعملوا ما يخلصهم منه وينجيهم.
وقرئ: "فلا يلوموني" بالياء؛ على طريقة الالتفات، كقوله تعالى: (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس: 22].
[(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)].
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: "وأُدخل الذين آمنوا" على فعل المتكلم، بمعنى: وأدخل أنا وهذا دليل على أنه من قول الله، لا من قوله إبليس (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) متعلق بـ"أدخل" أي: أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأمره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه وتعظيم شأنه، كقولهم: سبحان ما سخركن لنا، أي: سبحان العظيم الشأن الذي سخر أمثالكن لنا.
قوله: (ويحتمل أن يكون من جملة قول إبليس)، فإذا كان من قول الله تعالى كان استئنافاً فيه معنى التعجب، كأنه قيل: ما أشد عذاب الظالمين، كما قال المصنف في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) [يونس: 45]: "فيه معنى التعجب، كأنه قيل: ما أخسرهم".
وإذا كان من قول الشيطان كان نداء منه على الإقناط والإياس.