خاف قيامي عليه وحفظي لأعماله. والمعنى أنّ ذلك حق للمتقين، كقوله: (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128].
[(وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ)].
(وَاسْتَفْتَحُوا) واستنصروا الله على أعدائهم (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفال: 19]، أو: استحكموا الله وسألوه القضاء بينهم؛ من الفتاحة وهي الحكومة، كقوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ) [الأعراف: 89]، وهو معطوف على (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ).
وقرئ: «واستفتحوا»، بلفظ الأمر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والمعنى: أن ذلك حق للمتقين، كقوله: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))، يريد: موقع قوله: (لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) - الذي هو كناية عن "المتقين" في هذه الآية- بعد قوله: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) موقع قوله: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) في قصة موسى عليه السلام، حيث قال: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128]، ولهذا شبه قوله: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) بقوله: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا) [الأعراف: 137]، (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ) [الأحزاب: 27]، وهو في تلك القصة.
قوله: (وقرئ: "واستفتحوا" بلفظ الأمر)، قال ابن جني: "قرأها ابن عباس ومجاهد وابن محيصن".