فقالوا له ما قال لهم أخوهم فـ (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أردتموه، وإلا فما أدرى ذلك الرجل أنّ السارق يؤخذ بسرقته لولا فتواكم وتعليمكم (بِهِمْ جَمِيعاً) بيوسف وأخيه وروبيل أو غيره (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بحالي في الحزن والأسف (الْحَكِيمُ) الذي لم يبتلنى بذلك إلا لحكمة ومصلحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوجب هذه المضمرات، لكن لا يقتضي ما يتضمن الاتصال بالفاءات كما قدرها، بل يأباه القطع على سبيل الاستئناف، فإن السامع لما سمع تلك المقالة اتجه له أن يقول: إلام عاد مآل هذه المقالة، وما كان جواب أبيهم حين رجعوا بها وأدوها إليه، فأجيب: بأنه قال: بل سولت لكم أنفسكم.
قوله: ((بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً) أردتموه، وإلا فأي شيء أدرى ذلك الرجل)، الانتصاف: "قوله: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ) في الكرة الأولى ظاهر، وأما فيا لثانية فلم يكن من صنيعهم، لكن لما علم يعقوب عليه السلام أن أخذ السارق لم يكن من دين الملك، لكن من دين يعقوب كما قال: (مَا كَانَ لِيَاخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ)، كان تنبيهاً على وجه اتهام يعقوب بنيه، وأنه إنما فعل ذلك بفتواهم، وكان قد سبق قوله: (فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنتُمْ كَاذِبِينَ* قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ)، فأفتوا- وإن لم يشعروا- أن المراد إلزامهم واتهام من تتطرق إليه التهمة، ويحتمل أن يكون الذي سوغ ذلك أنهم جعلوا مجرد وجود الصواع في رحله سرقة من غير أن يثبت الحكم عليه بوجه معلوم، وهذا لا تثبت به السرقة، وهذا هو التسويل إن كان شرعهم كشرعنا، وإلا فالعمدة هو الوجه الأول".
قوله: (وروبيل أو غيره)، يعني: شمعون أو يهوذا، كما سبق في تفسير (كَبِيرُهُمْ).