لأنه كان في دين ملك مصر، وما كان يحكم به في السارق: أن يغرم مثلي ما أخذ، لا أن يلزم ويستعبد (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) أي: ما كان يأخذه إلا بمشيئة الله وإذنه فيه (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) في العلم كما رفعنا درجة يوسف فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تشبه صورة صنع من يوهم الغير خلاف ما يخفيه، لأن مقصود يوسف عليه السلام إيواء أخيه إليه، وكان لا يتم ذلك إلا بهذه الحيلة.

ولما كان قوله: (مَا كَانَ لِيَاخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) هو عين الكيد، قال المصنف: هو "تفسير للكيد".

الراغب: "الكيد: ضرب من الاحتيال، وقد يكون محموداً أو مذموماً، وإن كان في المذموم أكثر استعمالاً، وكذلك الاستدراج والمكر، ويكون بعض ذلك محموداً، قال تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ)، وقال: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [الأعراف: 183]، وفلان يكيد بنفسه، أي: يجود".

قوله: (أن يغرم مثلي ما أخذ)، اسم "كان" في قوله: "كان في دين الملك"، و"ما"- في "ما كان يحكم به"- موصولة، وهو عطف تفسيري على "دين الملك"، والضمير في "لأنه كان" للشأن.

قوله: (إلا بمشيئة الله تعالى وإذنه)، ويجوز أن يكون (إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) كلمة تأبيد، كأنه قيل: ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك أبداً، لأنه جل من انتصب لمنصب النبوة أن يحكم بدين الكفار، نحوه قوله تعالى: (وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الأعراف: 89]، لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء الله على مذهبه كما قرره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015