أي: كل مكانٍ أراد أن يتخذه منزلا ومتبوّأ له، لم يمنع منه لاستيلائه على جميعها ودخوله تحت ملكته وسلطانه. روي أنّ الملك توّجه، وختمه بخاتمه، ورداه بسيفه. ووضع له سريراً من ذهب مكللاً بالدرّ والياقوت. وروي أنه قال له: أمّا السرير فأشدّ به ملكك. وأمّا الخاتم فأدبر به أمرك، وأمّا التاج فليس من لباسي ولا لباس آبائي. فقال: قد وضعته إجلالاً لك وإقراراً بفضلك. فجلس على السرير ودانت له الملوك، وفوّض الملك إليه أمره وعزل قطفير، ثم مات بعده، فزوّجه الملك امرأته زليخاً، فلما دخل عليها قال: أليس هذا خيراً مما طلبت؟ فوجدها عذراء، فولدت له ولدين: إفراثيم وميشا، وأقام العدل بمصر،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ورداه بسيفه)، أي: وشحه، الأساس: "لبست المرأة رداءها؛ أي: وشاحها. وتردت وارتدت: توشحت". وأنشد:

ينازعني ردائي عبد عمرو ... رويدك يا أخا عمرو بن بكر

لي الشطر الذي ملكت يميني ... ودونك فاعتجر عنه بشطر

قوله: (أما السرير فأشد به ملكك)، أي: أضبطه وأسخره لك، ولما كان السرير يرادف الملك ويلازمه- حتى قيل: استوى فلان على السرير، واريد: سخر له الملك، ودان له الناس، وإن لم يقعد على السرير- قال ذلك، فهو كناية عن ذلك لا تنافي حقيقة الجلوس على السرير مع ضبط الملك، ولذلك عقبه بقوله: "فجلس على السرير، ودانت له الملوك".

قوله: (وأما التاج فليس من لباسي ولا لباس آبائي)، يخالفه قوله بعد هذا: "في عنقه طوق، وعلى رأسه تاج"، إلا أن يحمل قوله: "وضعته إجلالاً لك" على أنه من كلام يوسف لا الملك، أي: وضعته على رأسي إجلالاً لأمرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015