إنما تأنى وتثبت في إجابة الملك، وقدّم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما قرف به وسجن فيه، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده، ويجعلوه سلماً إلى حط منزلته لديه، ولئلا يقولوا ما خلد في السجن سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير حق به أن يسجن ويعذب ويستكف شرّه. وفيه دليلٌ على أنّ الاجتهاد في نفي التهم واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها، قال عليه السلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفنّ مواقف التهم» ومنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - للمارّين به في معتكفه وعنده بعض نسائه: «هي فلانة»؛ اتقاء للتهمة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخصب يحتمل أن يكون تاماً وغير تام، ونصوصية أحدهما لا تُعلم إلا بالوحي، فقوله: (يَعْصِرُونَ) يدل على خصب تام لا مزيد عليه، كأنه قيل: ينتهي الخصب حتى يتجاوز من المأكول إلى المشروب والادخار فيه.

وتكرير "فيه" تتميم لقوله: (يَعْصِرُونَ)، وفي تخصيص اسم "الناس" دون أن يقال: "تغاثون"، كما قيل: (تَزْرَعُونَ)، تعميم لأثر الخصب في سائر الأماكن، وفي إيثار (يُغَاثُ) دون "يمطر" تتميم للتتميم.

قوله: (لئلا يتسلق الحاسدون)، الأساس: "سلقت اللحم عن العظم: قشرته، وهو يتكلم بالسليقة، وتسلق الحائط. ومن المجاز: سلقه بلسانه، ولسان مسلق، ومنه قوله تعالى: (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ) [الأحزاب: 19] ".

قوله: (ولئلا يقولوا: ما خلد في السجن)، استعمل الخلود في امتداد الزمان وطول المكث، دون الدوام والأبد، كما هو عليه مذهب أهل السنة.

قوله: ("هي فلانة" اتقاء للتهمة)، الحديث من رواية أنس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015