وهذا ونحوه - والعياذ بالله- من الخذلان المبين، زادنا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه، وتنبيهاً على أن نعقل عنه، ولئن صح هذا عن ابن العاص، فمعناه: أنهم يخرجون من حرّ النار إلى برد الزمهرير فذلك خلوّ جهنم وصفق أبوابها، وأقول: ما كان لابن عمرو في سيفيه، ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ما يشغله عن عن تسيير هذا الحديث.
[(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ* فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ)].
(غَيْرَ مَجْذُوذٍ) غير مقطوع، ولكنه ممتدّ إلى غير نهاية، كقوله: (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [فصلت: 8، الانشقاق: 25].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
يتبادر إلا دار العقاب، كما أن من اسم الجنة لا يفهم إلا دار الثواب، قال المصنف في أول تفسير سورة البقرة: "الجنة: اسم لدار الثواب كلها، وهي مشتملة على جنان كثيرة"، وهي على نهج الأسماء الغالبة اللاحقة بالأعلام.
وأما الثاني: فلأن الذوق السليم والطبع المستقيم يأبى أن يقال: إن الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها إلا أن ينقلوا إلى رضوان الله، ورضوان الله أيضاً كائن في الجنة، عن البخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك وسعديك، والخير بيديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى يا ربنا، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ ! فيقول: ألا