وإضافة "البقية: إلى الله من حيث أنها رزقه الذي يجوز أن يضاف إليه. وأمّا الحرام فلا يضاف إلى الله ولا يسمى رزقاً، وإذا أريد بها الطاعة فكما تقول: طاعة الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأما الحرام فلا يضاف إلى الله تعالى، ولا يسمى رزقاً)، الانتصاف: "لا رازق إلا الله، وكل ما يقيم به الخلق بنيتهم فهو رزق حقيقة، وهو من الله، وأما الإضافة إلى الله للتخصيص فأمر خارج عن ذلك".
وقال الإمام: "ما أبقى الله تعالى لكم من الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن خير من البخس والتطفيف، أما عند الله فظاهر، وأما عند الناس فإنهم إذا عرفوه بالصدق والأمانة والبعد عن الخيانة، اعتمدوا عليه، ورجعوا في كل المعاملات إليه، فينفتح عليه باب الرزق، وبالعكس إذا عرفوه بالخيانة".
قلت: فعلى هذا تكون الإضافة إضافة تشريف لا تخصيص، كما تقول: بيت الله، وناقة الله، تحريضاً لهم على ترك البخس وإيفاء الكيل، ولو حمل هذه "البقية" على الطاعة والثواب، كقوله تعالى: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً) [الكهف: 46]، كان أظهر، لأن الدنيا بأسرها تفنى وتنقرض، وثواب الله تعالى باق، ويوافق هذا التأويل قوله: (إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي: كنتم تؤمنون باليوم الآخر.
قوله: (وإذا أريد بها الطاعة): عطف على قوله: "وإضافة البقية إلى الله"، والمعطوف والمعطوف عليه متفرعان على تفسير (بَقِيَّةُ اللَّهِ)، فقوله: "وإضافة "البقية" من حيث إنها رزقه" متفرع على قوله: " (بَقِيَّةُ اللَّهِ) ما يبقى لكم من الحلال"، وقوله: "وإذا أريد بها الطاعة، فكما تقول: طاعة الله" متفرع على قوله: "أن يراد: ما يبقى لكم عند الله من الطاعات".