لأن ما جاوز العدل فضل وأمر مندوب إليه.

وفيه توقيف على أنّ الموفى عليه أن ينوى بالوفاء بالقسط، لأنّ الإيفاء وجه حسنه أنه قسط وعدل، فهذه ثلاث فوائد.

البخس: الهضم والنقص. ويقال للمكس: البخس. قال زهير:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأن ما جاوز العدل فضل): تعليل لقوله: "جيء به مقيداً (بِالْقِسْطِ) أمراً بالواجب"، يعني: تقييده بـ (الْقِسْطِ) لبيان أمر الوجوب، وأنه لا يجوز أن ينقص، لأنه لا يصح التجاوز عنه، لأن ما جاوز العدل فضل.

قوله: (وفيه توقيف): أي: في القيد (بِالْقِسْطِ) إيذان بأن القسط مطلوب مطلقاً، وإنما حسن الإيفاء لأنه قسط وعدل، لا أنه إيفاء، وقد يكون محظوراً كما في الربا، فالواجب على من يوفي أن ينوي القسط.

قوله: (فهذه ثلاث فوائد): فذلكة للجواب عن السؤال بقوله: "فما فائدة قوله: (أَوْفُوا)؟ " أي: في الإتيان بقوله: (أَوْفُوا)، وعدم الاقتصار على النهي عن النقصان: ثلاث فوائد: الأولى: زيادة الترغيب، والثانية: بيان الواجب، وأن الزيادة فضل، والثالثة: الإشعار بأن العدل مطلوب لذاته، وهذه الفائدة مدمجة في الكلام، ولهذا قال: "وفيه توقيف" إلى آخره.

قوله: (البخس: الهضم والنقص): يعني: هو لفظ مشترك بين هذين المعنيين، وربما استعملوه في المكس أيضاً، وقوله: "وكانوا يأخذون" إلى آخره: بين استعماله في هذه المعاني، قال القاضي: " (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) تعميم بعد تخصيص، فإنه أعم من أن يكون مقداراً أو غيره، وكذا (وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، فإن العثو يعم تنقيص الحقوق وغيره من أنواع الفساد".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015