كانت مساءة لوطٍ وضيق ذرعه لأنه حسب أنهم إنس، فخاف عليهم خبث قومه وأن يعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم. روي أنّ الله تعالى قال لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، فلما مشى معهم منطلقاً بهم إلى منزله قال لهم: أما بلغكم أمر هذه القرية؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله إنها لشر قريةٍ في الأرض عملاً، يقول ذلك أربع مرات، فدخلوا معه منزله ولم يعلم بذلك أحد، فخرجت امرأته فأخبرت بهم قومها.
يقال: يوم عصيب، وعصبصب، إذا كان شديداً من قولك: عصبه، إذا شدّه.
[(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ* قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)].
(يُهْرَعُونَ) يسرعون كأنما يدفعون دفعاً (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) ومن قبل ذلك الوقت كانوا يعملون الفواحش ويكثرونها، فضروا بها ومرنوا عليها وقل عندهم استقباحها، فلذلك جاءوا يهرعون مجاهرين لا يكفهم حياء. وقيل معناه: وقد عرف لوط عادتهم في عمل الفواحش قبل ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وضيق ذرعه)، الأساس: "ضاق بهم ذرعاً، أي: لم يطلقهم، وما لك علي ذراع، أي: طاقة"، وذلك أن "اليد" كما تجعل مجازاً عن القوة، فـ "الذراع" التي من طرف المرفق إلى طرف الوسطى كذلك.
قوله: (مضى معهم منطلقاً بهم): "منطلقاً بهم" حال مؤكدة، على نحو قوله تعالى: (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25]، (وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [البقرة: 60، الأعراف 74، هود: 85، الشعراء: 183، العنكبوت: 36].
قوله: (وقيل: معناه: وقد عرف لوط عادتهم): عطف على قوله: "ومن قبل ذلك كانوا