ثم ابتدأ فقال (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) وقيل في (يُجادِلُنا): هو جواب "لما"، وإنما جيء به مضارعاً لحكاية الحال: وقيل: إن «لما» ترد المضارع إلى معنى الماضي، كما تردّ «إن» الماضي إلى معنى الاستقبال، وقيل: معناه أخذ يجادلنا، وأقبل يجادلنا. والمعنى: يجادل رسلنا.
ومجادلته إياهم أنهم قالوا: (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) [العنكبوت: 31]، فقال: أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلاً من المؤمنين أتهلكونها؟ قالوا: لا. قال: فأربعون؟ قالوا: لا. قال: فثلاثون؟ قالوا: لا. حتى بلغ العشرة. قالوا: لا. قال: أرأيتم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها؟ قالوا: لا. فعند ذلك قال: (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) [العنكبوت: 32].
(فِي قَوْمِ لُوطٍ) في معناهم. وعن ابن عباس: قالوا له: إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوقوع غيره، تقول: لما جاء زيد جاء عمرو، ويجوز: لما جاء زيد يتكلم عمرو؛ لوجهين: أحدهما: أن ["إن"] لما كانت شرطاً للماضي وقع المستقبل في معنى الماضي. وثانيهما- وهو الذي أختاره-: وهو أن يكون حكاية حال قد مضت، المعنى: فملا ذهب عن إبراهيم الروع، وجاءته البشرى، أخذ يجادلنا في قوم لوط، ولم يذكر في الكلام "أخذ وأقبل"، لأن الكلام إذا أريد به حكاية حال ماضية قدر فيه "أخذ وأقبل"، لأنك إذا قلت: قام زيد، دل على فعل ماض، وإذا قلت: أخذ زيد يقوم، دل على حالة ممتدة، من أجلها ذكر: أخذ وأقبل".
قوله: ((فِي قَوْمِ لُوطٍ) في معناهم): أي: في شأنهم وأمرهم.