(أَوْلِياءَ اللَّهِ): الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة. وقد فسر ذلك في قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) فهو توليهم إياه،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة): بيان لوجه نسبة الولايتين في قوله: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ) ولاية الله وولاية العبد؛ لأنه من الأمور النسبية، فاعتبر الولاية من جانب العبد بالطاعة، ومن جانب الله بالكرامة، وجعل القدر المشترك بينهما التولي؛ فراراً من تفسير الولاية بالمحبة الحقيقية، كما في قوله تعالى: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة: 54].

فإذا حُمل الولي على المحب أمن من التكلف الذي ذكره، ويكون قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) صفة واردة على المدح بتقدير: اذكر، أو: هُم، لا الكشف كما قال، يسلم من الفصل بين الصفة الموصوف بالخبر، وليثبت لهم بها ما يناسبها من البشارة في الدارين، كما نُفي عنهم عند ذكر الولاية خوف الأجل وحزن العاجل، كأنه قيل: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم في الآجل، ولا هم يحزنون في العاجل؛ لون الله ولياً لهم، وهم أولياء الله، ولهم البشرى في الدنيا والآخرة؛ لكونهم موصوفين بالإيمان والتقوى.

فينطبق على هذا التفسير الحديث النبوي على ما أورده الإمام أحمد بن حنبل في "مسنده" عن عمرو بن الجموح: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الله: "أوليائي من عبادي، وأحبائي من خلقي: الذين يذكرون بذكري، وأذكر بذكرهم"، فإنه صُرح فيه بذكر المحبة، ولم يُذكر فيه ما ذكره: "يُذكر الله برؤيتهم"؛ ليُحتاج إلى تفسيره بالسمت الهيئة، وأن يُقال: من نظر إلى سيماهم رأى أثر طاعتهم إياي فيذكرني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015