و (الْعابِدُونَ): الذين عبدوا الله وحده، وأخلصوا له العبادة، وحرصوا عليها.
و(السَّائِحُونَ): الصائمون؛ شبهوا بذوي السياحة في الأرض في امتناعهم من شهواتهم، وقيل: هم طلبة العلم يسيحون في الأرض، يطلبونه في مظانه.
[(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) 113].
قيل قال صلى الله عليه وسلم لعمه أبى طالب: "أنت أعظم الناس علىَّ حقاً، وأحسنهم عندي يداً، فقل كلمة تجب لك بها شفاعتي"، فأبى، فقال: "لا أزال أستغفر لك ما لم أنه عنه"، فنزلت.
وقيل: لما افتتح مكة سأل: أي أبويه أحدث به عهداً؟ فقيل: أمك آمنة، فزار قبرها بالأبواء، ثم قام مستعبراً فقال: "إني استأذنت ربى في زيارة قبر أمي، فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها، فلم يأذن لي"، فنزلت.
وهذا أصح؛ لأنّ موت أبى طالب كان قبل الهجرة، وهذا آخر ما نزل بالمدينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي يؤمن ويصلي ويزكي، وإنما قال: "على الحقيقة"، وفسر (الْعَابِدُونَ) بقوله: "الذين عبدوا الله وحده وأخلصوا له العبادة"؛ لأن الأخبار معرفة باللام، وقد عُطفت بعضها على بعض، للتنبيه على استقلال كل بالكمال، فلا يحمل مثلها على المبتدأ على الحصر إلا ليؤذن ببلوغ الغاية، عليه كلام الحسن.
قوله: (مستعبراً): يُقال: استعبر بالبكاء: بالغ فيه. و"الأبواء": موضع بين مكة والمدينة، وعنده بلد ينسب إليه. النهاية: "الأبواء- بفتح الهمزة وسكون الباء والمد-: جبل بين مكة والمدنية، وعنده بلد ينسب إليه".
قوله: (وهذا أصح؛ لأن موت أبي طاب كان قبل الهجرة، وهذا آخر ما نزل بالمدينة):