فإن قلت: كيف قيل: (أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) وما ذكرت توبتهم؟ قلت: إذا ذكر اعترافهم بذنوبهم، وهو دليل على التوبة، فقد ذكرت توبتهم.
[(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 103].
(تُطَهِّرُهُمْ) صفة لـ (صدقة)، وقرئ: "تطهرهم"، من أطهره، بمعنى: طهره. و"تطهرهم"، بالجزم جوابا للأمر. ولم يقرأ "وَتُزَكِّيهِمْ" إلا بإثبات الياء. والتاء في "تُطَهِّرُهُمْ" للخطاب أو لغيبة المؤنث، والتزكية: مبالغة في التطهير وزيادة فيه، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال، (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) واعطف عليم بالدعاء لهم وترحم، والسنة أن يدعو المصدّق لصاحب الصدقة إذا أخذها، وعن الشافعي رحمه الله: أحب أن يقول الوالي عند أخذ الصدقة: "أجرك الله فيما أعطيت، وجعله لك طهوراً، وبارك لك فيما أبقيت".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولم يُقرأ (وَتُزَكِّيهِمْ) إلا بإثبات الياء): أي: ولم يقرأ أحد من الأئمة السبعة إلا بإثبات الياء، وقرأ مسلمة بن محارب في الشواذ بدون الياء، ووجه إثبات الياء أنه استئناف، كما في قوله تعالى: (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ) [الحج: 5]، أي: نحنُ نقر، فكذا هاهنا، أي: هي تزكيهم. قاله السجاوندي.
قوله: (والتاء في (تُطَهِّرُهُمْ) للخطاب أو لغيبة المؤنث): قال أبو البقاء: " (تُطَهِّرُهُمْ) نصب صفة لـ (صَدَقَةً)، ويجوز أن يكون مستأنفا، والتاء للخطاب، أي: تطهرهم أنت، (وَتُزَكِّيهِمْ) التاء للخطاب لا غير، لقوله: (بها)، ويجوز أن يكون قوله: (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) في موضع نصب صفة لـ (صَدَقَةً)، مع قولنا: إن التاء فيهما للخطاب، لأن قوله: (تُطَهِّرُهُمْ) تقديره: بها، ودل عليه (بها) الثانية، على أن يكون من باب التنازع، وإذا كان