فإن قلت: كيف خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أفصح العرب وأخبرهم بأساليب الكلام وتمثيلاته، والذي يفهم من ذكر هذا العدد كثرة الاستغفار، كيف وقد تلاه بقوله: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) الآية، فبين الصارف عن المغفرة لهم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذي عصاه، و"ابن العاص": بيان له، وهو عمرو بن العاص، "سبعين ألفاً": أي: من الجيش، "عاقدي النواصي": أي: نواصي خيلهم، والعاقد بمعنى المعقود.

رُوي عن علي بن عيسى أنه قال: العرب تبالغ بالسبع وبالسبعين، لأن التعديل في نصف العقد، وهو خمسة، وإذا زيد عليها واحدٌ كان لأدنى المبالغة، وإذا زيد اثنان كان لأقصى المبالغة، ولذلك قالوا للأسد: سبع، لأنه قد ضُوعف قوته سبع مرات.

وقال القاضي: "قد شاع استعمال السبعة والسبعين والسبع مئة ونحوها في التكثير، لاشتمال السبعة على جملة أقسام العدد، فكأنه العدد بأسره".

وقال صاحب "الإيجاز": "السبعة أكمل الأعداد بجمعها معاني الأعداد، لأن الستة أو لعدد تام، لأنها تُعادل أجزاءها، إذ نصفها ثلاثة، وثلثها اثنان، وسدسها واحد، وجُملتها ست، وهي مع الواحدة سبع، فكانت كاملة، إذ ليس بعد التمام سوى الكمال، ولعل واضع اللغة سمي الأسد سبعاً لكمال قوتهن كما أنه أسد لإساده في السير، ثم "سبعون" غاية الغاية، إذ الآحاد غايتها العشرات، فكان المعنى: أنه لا يُغفر لهم، وإن استغفرت أبداً".

قوله: (كيف خفي): أي: هذا المعنى، وهو أن السبعين مثل في التكثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015