فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدّقين لأخذ الصدقات، فاستقبلهما الناس بصدقاتهم، ومرّا بثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه الفرائض، فقال: ما هذه إلا جزية! ما هذه إلا أخت الجزية! وقال: ارجعا حتى أرى رأيى، فلما رجعا قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ويح ثعلبة! " مرّتين، فنزلت، فجاءه ثعلبة بالصدقة، فقال: إنّ الله منعني أن أقبل منك"، فجعل التراب على رأسه، فقال: "هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني".

فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بها إلى أبى بكر رضي الله عنه فلم يقبلها، وجاء إلى عمر رضى الله عنه في خلافته فلم يقبلها، وهلك في زمان عثمان رضي الله عنه.

وقرئ: "لنصدقن ولنكونن" بالنون الخفيفة فيهما، (مِنَ الصَّالِحِينَ) قال ابن عباس رضي الله عنه: يريد الحج.

(فَأَعْقَبَهُمْ): عن الحسن وقتادة: أنّ الضمير للبخل، يعنى: فأورثهم البخل، (نِفاقاً) متمكنا (فِي قُلُوبِهِمْ) لأنه كان سببا فيه وداعياً إليه، والظاهر أن الضمير لله عزّ وجل، والمعنى: فخذلهم حتى نافقوا وتمكن في قلوبهم نفاقهم، فلا ينفك عنها إلى أن يموتوا بسبب إخلافهم ما وعدوا الله من التصدّق والصلاح، .........

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وهي منصوبة على المصدر".

قوله: (هذا عملك): أي منع الله إياي قبول صدقتك جزاء عملك.

قوله: (يريد الحج): يعني: عطف (وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ) على (لَنَصَّدَّقَنَّ) - بعد قوله: (لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ) -: يُفيد الصلاح في المال، والصلاح في المال بعد الصدقة هو النفقة في الحج والغزو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015