لأن في قوله: (أَنَّهُ) تأكيداً، ويجوز أن يكون (فَأَنَّ لَهُ) معطوفا على (أنه)، على أن جواب (مَنْ) محذوف، تقديره: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأن له نار جهنم. وقرئ: "ألم تعلموا" بالتاء.
[(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) 64]
كانوا يستهزئون بالإسلام وأهله وكانوا يحذرون أن يفضحهم الله بالوحي فيهم، حتى قال بعضهم: والله لا أرانا إلا شر خلق الله، لوددت أنى قدمت فجلدت مئة جلدة، وأن لا ينزل فينا شيء يفضحنا.
والضمير في (عليهم) و (تنبئهم للمؤمنين)، وفي (قلوبهم): للمنافقين، وصحّ ذلك؛ لأن المعنى يقود إليه، ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: قد سبق مراراً أن مثل هذا التأكيد مقحم بن الكلام، فلا يكون أجنبياً، قال أبو البقاء: "إنما كررت توكيداً، كقوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ)، ثم قال: (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 119]، والفاء جواب الشرط". ومثله قول الحماسي:
وإن امرأ دامت مواثيق عهده ... على مثل هذا إنه لكريم
وأما نصب "النار" فليس بمشكل؛ لأنها ليست بزائدة حتى لا تعمل، وفيه بحث.
قوله: (ويجوز أن يكون (فأنَ له) معطوفاً على (أنَّه)) أي: ألم يعلموا هذا وهذا عقيبه أيضاً.