وذلك لما في فك الرقاب من الكتابة أو الرق أو الأسر، وفي فك الغارمين من الغرم؛ من التخليص والإنقاذ، ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة، وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال.
وتكرير (في) في قوله: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فيه فضل ترجيح لهذين على (الرقاب والغارمين).
فإن قلت: فكيف وقعت هذه الآية في تضاعف ذكر المنافقين ومكايدهم؟ قلت: دل بكون هذه الأصناف مصارف الصدقات خاصة دون غيرهم، على أنهم ليسوا منهم، حسما لأطماعهم، وإشعاراً باستيجابهم الحرمان، .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: (لما في فك الرقاب من الكتابة) إلى آخره: "مِن": في قوله: "من الكتابة": صلة "فك"، وفي "مِنَ التخليص": بيان "ما" في "لِمَا" و"في فك الغارمين" عطف على "في فك الرقاب". المعنى: ذلا لرسوخ في الاستحقاق مستقر لجل ما في فك الرقاب والغارمين من الإنقاذ والتخليص. و"لجمع الغازي" عطف على "لما في فك الرقاب".
قال صاحب "الانتصاف": "إنما عدل من اللام إلى "في" في الأربعة الأخيرة؛ لأن الأربعة الأول ملاك لما عسى أن يُدفع إليهم، والأربعة الأخيرة لا يملكون ما يُدفع إليهم، إنما يُصرف إليهم في مصالح تتعلق بهم، لأن التعدية بـ "في" مقدرة بالصرف، فمال الرقاب يملكه السادة، والمكاتبون لا يحصل في أيديهم شيء، والغارمون يُصرف نصيبهم لأرباب الديون، وكذلك في سبيل الله، وابن السبيل مُندرج في سبيل الله، وأفرد بالذكر تنبيهاً على خصوصيته، وهو مرد عن الحرفين جميعاً، أي: اللام و"في"، وعطفه على اللام ممكن، و"في" أقرب".