أو خفافا لقلة عيالكم وأذيالكم، وثقالا لكثرتها، أو: خفافا من السلاح وثقالا منه، أو ركبانا ومشاة، أو: شبابا وشيوخا، أو مهازيل وسمانا، أو: صحاحا ومراضا.
وعن ابن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أعلىّ أن أنفر؟ قال: "نعم"، حتى نزل قوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) [الفتح: 17] وعن ابن عباس: نسخت بقوله: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) [التوبة: 91]، وعن صفوان بن عمرو: كنت والياً على حمص، فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو. فقلت: يا عمّ، لقد أعذر الله إليك، فرفع حاجبيه وقال: يا بن أخي، استنفرنا الله خفافا وثقالا، إلا أنه من يحبه الله يبتله. وعن الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو، وقد ذهبت إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل صاحب ضرر، فقال: استنفرنا الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع.
(وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) إيجاب للجهاد بهما إن أمكن، أو بأحدهما على حسب الحال والحاجة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضايفة بالوزن، وقياس أحد الشيئين إلى الآخر، نحو: درهم خفيف ودرهم ثقيل. وباعتبار مضايفة الزمان، نحو: فرس خفيف وفرس ثقيل: إذا عدا أحدهما أكثر في زمان واحد، ويُقال: خفيف؛ فيما يستحليه الناس، وثقيل؛ فيما يستوخمه، فيكون الخفيف مدحاً، والثقيل ذماً، وفي عكسه يُقال: خفيف؛ فيمن فيه طيش، وثقيل؛ فيما فيه وقار".
قوله: (لقد أعذر الله إليك)، النهاية: "أعذر الله إليك: معناه: عذرك الله، وجعلك موضع العُذر، وأسقط عنك الجهاد، ورخص لك في تركه".
قوله: (إيجاب للجهاد بهما إن أمكن، أو بأحدهما، على حسب الحال): هذا التخيير يعطيه عطف "جاهدوا" على (انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً)، لأنه كالتفسير له.