و (الدنيا) و (القصوى): تأنيث "الأدنى" والأقصى". فإن قلت: كلتاهما "فعلى" من بنات الواو، فلم جاءت إحداهما بالياء، والثانية بالواو؟ قلت: القياس هو قلب الواو ياء كـ "العليا"، وأما (القصوى) فكـ "القود" في مجيئه على الأصل، وقد جاء "القصيا"، إلا أنّ استعمال "القصوى "أكثر، كما كثر استعمال "استصوب" مع مجيء "استصاب"، و"أغيلت" مع "أغالت"، والعدوة الدنيا: مما يلي المدينة، والقصوى: مما يلي مكة.

(وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) يعنى الركب الأربعين الذين كانوا يقودون العير أسفل منكم بالساحل. و (أسفل) نصب على الظرف، معناه: مكانا أسفل من مكانكم، وهو مرفوع المحل، لأنه خبر المبتدأ ......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (القياس هو قلب الواو ياء كـ"العُليا"). فإن قلت: لا شك في وقوع (الدُّنْيَا) و (الْقُصْوَى) في الآية صفتين، لـ "العُدْوة"، فكيف الجمعُ بين هذا القول وبين ما في "المُفصَّل": "وفُعْلى: تُقلب واوها ياء [في الاسم] دون الصفة، فالاسم نحو: الدنيا والعليا والقضيا، وقد شذ: القصوى وحُزوى، والصفة قولك - إذا بنيت "فُعلى" من غزوت غُزوى"، صفة من (أفعلُ -فُعلى) لا يكاد يستعمل اسماً.

قلت: ذكر ابن جني: وإنما ذكر هذه- يعني: "الدنيا" و"القُضيا" - في موضع الأسماء، وأنَّ أصلها الصفة، فإن معنى "الدنيا" الدانية القريبة، و"القضيا" القاصية البعيدة، و"العُليا" بمعنى العالية، لأنها الآن قد ذُهبت بها مذهب السماء بتركهم إجراءها وصفاً في أكثر الأمر، واستعمالهم إياها استعمال الأسماء.

قوله: (كـ"القود"): يعني: القياس أن تُقلب واوها ألفاً كأشباهه، فتركوه على ما كان، كذلك "القصوى".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015