وقرأ الأعمش: "وما كان صلاتهم"، بالنصب على تقديم خبر (كان) على اسمه. فإن قلت: ما وجه هذا الكلام؟ قلت: هو نحو من قوله:
وَمَا كُنْتُ أخْشَى أنْ يَكُونَ عَطَاؤُهُ ... أدَاهِمَ سُوداً أوْ مُحَدْرَجَةً سُمْرَا
والمعنى: أنه وضع القيود والسياط موضع العطاء، ووضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة؛ .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) على (وَهُمْ يَصُدُّونَ) لأنه نوع من الصد، وقوله: (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) معترضة، وقوله: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) يجوز أن يتعلق بالمعترضة وبما قبلها.
قوله: (على تقديم خبر (كان) على اسمه): فيلزم أن يكون الخبر معرفة والاسم نكرة، ذهب صاحب "المفتاح" إلى أنه من باب القلب، وقال ابن جني: "إن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته، فإنك لو قلت: خرجت فإذا أسد بالباب، أو: إذا الأسد بالباب، لم تجد الفرق بينهما، لأنك لا تريد بالصورتين أسداً معيناً، فكأنه تعالى قال: ما كان صلاتهم عند البيت إلا المُكاء والتصدية، أي: هذا الجنس نم الفعل، ولم يجر هذا مجرى: كان قائم أخاك، وكان جالس أباك، لأنه ليس في "قائم" و"جالس" معنى الجنسية التي تلاقي معيناً نكرتها ومعرفتها على ما قدمناه".
قوله: (وما كنت أخشى): "أخشى"، أي: أعلم، و"أداهم": جمع أدهم، وهو القيد، و"المحدرجة" بالحاء المهملة: السياط المفتولة من الجلود، "يُقال: حدرجه، أي: فتله وأحكمه". كذا ذكره الجوهري.
قوله: (وضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة): وهو من أسلوب قولهم في التهكم: