(وَيَمْكُرُونَ): ويخفون المكايد له، (وَيَمْكُرُ اللَّهُ): ويخفى الله ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة، (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمكِرِينَ) أي مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيراً، أو لأنه لا ينزل إلا ما هو حق وعدل، ولا يصيب إلا بما هو مستوجب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو لأنه لا يُنزل إلا ما هو حق): عطف على قوله: "مكره أنفذ من مكر غيره"، فعلى الأول: التركيب من باب قوله تعالى: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً) [مريم: 76]، وقولهم: "الصيف أحر من الشتاء"، وذلك أنه فسر مكرهم بقوله: "ويخفون المكايد"، ومكر الله بقوله: "ويُخفي الله ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة"، ثم جمعهما بقوله: (خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، وفسره بقوله: "إن مكره أبلغ تأثيراً"، ولا شك أن لا خير في مكرهم، ب بل هو شر بحت، لكن المراد بالـ"خير": أن مكر الله أبلغ تأثيراً في بابه من الخير، من مكرهم في بابه من الشر، فالخير على هذا بمعنى التفضيل. والتعريف في (الْمَاكِرِينَ) للعهد.

وأما الوجه الثاني فلا شركة فيه؛ لأنه من باب: "أعدلا بني مروان"، وذلك لأن ما يفعله الله لا يكون إلا حقاً وعدلاً، وتسميته بالمكر على سبيل الاستعارة بجامع الإخفاء والأخذ بغتة، فشبه صورة صنع الله ذلك معهم بصورة صنع المخادع المحتال، ثم سمي مكراً، فالتعريف للجنس، يؤيده قوله في "الأعراف": "ومكر الله استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر ولاستدراجه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015