أي: اذكروا وقت كونكم أقلة أذلة مستضعفين (فِي الْأَرْضِ): أرض مكة قبل الهجرة تستضعفكم قريش، (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) لأن الناس كانوا جميعا لهم أعداء منافين مضادّين، (فَآواكُمْ) إلى المدينة، (وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ): بمظاهرة الأنصار، وبإمداد الملائكة يوم بدر، (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبتِ): من الغنائم، (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ): إرادة أن تشكروا هذه النعم.
وعن قتادة: كان هذا الحي من العرب أذلّ الناس، وأشقاهم عيشا، وأعراهم جلداً، وأبينهم ضلالاً، يؤكلون ولا يأكلون، فمكن الله لهم في البلاد، ووسع لهم في الرزق والغنائم وجعلهم ملوكاً.
[(يأيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمنتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) 27]
معنى الخون: النقص، كما أن معنى الوفاء: التمام، ومنه: تخوّنه: إذا تنقصه، ثم استعمل في ضدّ الأمانة والوفاء، ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأعراهم جلداً): كناية عن فقرهم، الجوهري: "عرى عن ثيابه يعرى عريا، فهو عار وعريان".
قوله: (يؤكلون ولا يأكلون)، الأساس: "مأكول حمير خير من آكلها، أي: رعيتها خير من واليها. وهو من ذوي الآكال، أي: من السادات الذين يأكلون المرباع، ولما قال الممزق:
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل ... وإلا فأدركني ولما أمزق
قال له النعمان: لا آكلك ولا أوكلك غيري".
المرباع: الربع، كان الأمير في الجاهلية يأكل ربع الغنيمة، فخمستها الشريعة.