وقوله: (سَأُلْقِي ... فَاضْرِبُوا) يجوز أن يكون تفسيراً لقوله: (إِني مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا) ولا معونة أعظم من إلقاء الرعب في قلوب الكفرة، ولا تثبيت أبلغ من ضرب أعناقهم، واجتماعهما غاية النصرة. ويجوز أن يكون غير تفسير، وأن يراد بالتثبيت أن يخطروا ببالهم ما تقوى به قلوبهم، وتصحّ عزائمهم ونياتهم في القتال، وأن يظهروا ما يتيقنون به أنهم ممدّون بالملائكة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((سَأُلْقِي .... فَاضْرِبُوا): يجوز أن يكون تفسيرا) اعلم أن في فصل قوله: (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) عما قبله وجهين:
أحدهما: أن يكون قوله: (سَأُلْقِي) مع ما ترتب عليه بالفاء تفسيراً لقوله: (إِنِّي مَعَكُمْ) مع ما ترتب عليه بالفاء، فقوله: (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) تفسير لقوله: ((إِنِّي مَعَكُمْ)، وقوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) تفسير لقوله: (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا).
وثانيهما: أن لا يكون تفسيراً لذلك، وحينئذ يحتمل وجهين
أحدهما: أن يكون معنى قوله: (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا): أخطروا ببالهم ما تقوى به قلوبهم، بنحو: أني سمعت المشركين يقولون: والله لئن حملوا علينا لنَنكَشِفَنَّ، وينحو: أبشروا فإن الله ناصركم، ويكون قوله: (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) استئنافاً، كأنه لما قيل: فأوقعوا في قلوب المؤمنين ما تقوى به قلوبهم، وأهروا ما يتيقنون به أنهم قد أمدوا بالملائكة، فقالوا: فماذا يكون إذن؟ فأجيبوا بقوله: (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)، وعند ذلك (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) يعني: مدوهم أنتم، وأنا أنجزكم وعدكم بإلقاء الرعب في قلوبهم وآمركم بالضربين.