وعن السدي: (بآلاف من الملائكة)؛ على الجمع، ليوافق ما في سورة آل عمران.
فإن قلت: فبم يعتذر لمن قرأ على التوحيد، ولم يفسر المردفين بإرداف الملائكة ملائكة آخرين، والمردفين بارتدافهم غيرهم؟ قلت: بأنّ المراد بالألف من قاتل منهم، أو الوجوه منهم الذين من سواهم أتباع لهم.
[(وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) 10]
فإن قلت: إلام يرجع الضمير في وَما (جَعَلَهُ)؟ قلت: إلى قوله: (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) [الأنفال: 9]، لأن المعنى: فاستجاب لكم بإمدادكم.
فإن قلت: ففيمن قرأ بالكسر؟ قلت: إلى قوله: (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) لأنه مفعول القول المضمر، فهو في معنى القول، ويجوز أن يرجع إلى الإمداد الذي يدل عليه (ممدّكم).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال سيبويه: أصله: مرتدفين، فأدغمت التاء في الدال فصارت مردفين، لأنك طرحت حركة التاء على الراء. قال: وإن شئت لم تطرح حركة التاء، وكسر الراء لالتقاء الساكنين، والذين ضموا الراء جعلوها تابعة لضم الميم".
قوله: (لأن المعنى: فاستجاب لكم بإمدادكم): يعني: (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) بفتح الهمزة: مفرد يجوز أن يرجع إليه الضمير، وأصله: بأني ممدكم، فحذف الجار وسلط عليه (فَاسْتَجَابَ) فنصب محله، أي: ما جعل إمدادكم بالملائكة لأمر من الأمور، إلا للبشرى وللاطمئنان، لأن النصر ليس بالملائكة، فإن الناصر هو الله.
قوله: (ففيمن قرأ بالكسر؟ ): أي: فما تصنع في قراءة من قرأ بكسر الهمزة، فإنها ليست في تأويل المفرد، فأجاب: "اجعله مقولاً للقول" لأن التقدير: فاستجاب لكم وقال: إني ممدكم، كأنه قيل: ما جعل الله ذلك القول- أي: إني ممدكم - إلا بشرى.