بحال من يعتل إلى القتل، ويساق على الصغار إلى الموت المتيقن، وهو مشاهد لأسبابه، ناظر إليها، لا يشك فيها.
وقيل: كان خوفهم لقلة العدد، وأنهم كانوا رجالة، وروي: أنه ما كان فيهم إلا فارسان.
[(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) 7]
(وإذ) منصوب بإضمار: اذكر. و (أَنَّها لَكُمْ) بدل من (إحدى الطائفتين)، والطائفتان:
العير والنفير، و (غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ): العير،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ)، ولكن هو المشبه، لأن مثل هذا الجدال - أعني قولهم: "ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا قلت لنا لنستعد ونتأهب"، بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وعدني إحدى الطائفتين"، وقوله: "والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم" - يدل على جبن عظيم وإفراط في الرعب والفرق، فصح تشبيهه بقوله: (كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ)، ثم عطفت هذه الجملة على ما سبق من حيث المعنى، يعني: أثبت الله لهم الجدال بسبب الكراهة بعدما أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصرة، ثم شبه حالهم.
قوله: (من يعتل إلى القتل)، الجوهري: "عتلت الرجل أعتله: إذا جذبته جذباً عنيفاً".
قوله: (وقيل: كان خوفهم لقلة العدد، وأنهم كانوا رجالة): عطف على قوله: "لكراهتهم القتال"، أي: خافوا العدو إما جُبناً وخوراً وكانوا معذورين فيه لقلة العدد والعُدد، ولهذا قدر وجه التشبيه في الأول: "في فرط فزعهم ورعبهم".
قوله: (إلا فارسان): قيل: هما المقداد بن الأسود والزبير بن العوام. وفي "مسند الإمام أحمد بن حنبل" عن علي رضي الله عنه: "ما كان منا فارس يوم بدر إلا المقداد بن الأسود".