(كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها): كأنك عالمٌ بها، وحقيقته: كأنك بليغٌ في السؤال عنها، لأن من بالغ في المسألة عن الشيء والتنقير عنه، استحكم علمه فيه ورصن، وهذا التركيب معناه المبالغة، ومنه: إحفاء الشارب، واحتفاء البقل: استئصاله، وأحفى في المسألة، إذا ألحف، وحفي بفلانٍ وتحفى به: بالغ في البرّ به. وعن مجاهد: استحفيت عنها السؤال حتى علمت. وقرأ ابن مسعود: "كأنك حفيّ بها"، أي: عالمٌ بها بليغٌ في العلم بها. وقيل: (عَنْها) متعلقٌ بـ (يسئلونك)، أي: يسألونك عنها كأنك حفيٌّ- أي: عالم- بها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي منه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه، فلا يطعمها" أخرجه البخاري ومسلم.

قوله: ((كأنك حفى عنها): كأنك عالم بها): اعلم أن (عنها) في قوله تعالى: (يسألونك كأنك حفى عنها) إما أن يتعلق بقوله: (حفى) أو (يسألونك). فإذا علق بـ (حفى) يكون كنايةً عن علمٍ رصين، لأن معنى (حفى عنها): بليغ في السؤال عن الساعة. وفيه تضمين معنى السؤال، ودلت المبالغة في المسالة عن الشيء على حصول ذلك الشيء على سبيل الاستحكام.

قال الزجاج: "كأنك أكثرت المسألة عنها".

المعنى: يظن اليهود أنك مبالغ في السؤال عن الساعة، حتى منحك الله علمها، فيسألون: أيان ذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015