قوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) من باب التمثيل والتخييل، ومعنى ذلك أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته، وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها فيهم، وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى، فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم وقال لهم: ألست بربكم؟ وكأنهم قالوا: بلى أنت ربنا، شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيتك.

وباب التمثيل واسع في كلام الله تعالى ورسوله عليه السلام، وفي كلام العرب. ونظيره قوله تعالى: (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل: 40]، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت: 11] وقوله:

إذْ قَالَتِ الأَنْسَاعُ لِلْبَطْنِ: الْحَقِ

قَالَتْ لَهُ رِيحُ الصَّبَا: قَرْقَارِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وشهدت بها عقولهم) عطف على قوله: "نصب لهم الأدلة"، وكذا "جعلها مميزة"، أي: جمع بين نصب الأدلة وبين جعل القوة مميزة، وبين شهادتها، لتكون الاستعارة تمثيليةً مركبة من عدة أمور متوهمة.

هذا هو المراد من قوله: "من باب التمثيل والتخييل"، لا ما ظن أنها من الاستعارة التخييلية، لأن المشبه به في التخييلية أمر واحد محقق يطلق على المخترع المتوهم، كالأنباب في قولك: أنياب المنية نشبت بفلان.

قوله: (إذا قالت الأنساع مضى شرحه في "البقرة".

قوله: (قالت له ريح الصبا: قرقار)، بعده:

واختلط المعروف بالإنكار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015