فردّ محمد على موسى - عليهما السلامُ - السلامَ، ثم أقرأهم عشر سورٍ من القرآن نزلت بمكة، ولم تكن نزلت فريضةٌ غير الصلاة والزكاة، وأمرهم أن يقيموا مكانهم، وكانوا يسبتون، فأمرهم أن يجمعوا ويتركوا السبت.
وعن مسروقٍ: قرئ: بين يدي عبد الله فقال رجل: إني منهم، فقال عبد الله- يعني: لمن كان في مجلسه من المؤمنين- وهل يزيد صلحاؤكم عليهم شيئاً؟ من يهدي بالحق وبه يعدل؟
وقيل: لو كانوا في طرف من الدنيا متمسكين بشريعة ولم يبلغهم نسخها كانوا معذورين. وهذا من باب الفرض والتقدير،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فقال رجل: إني منهم) أي: ممن عمل عملهم، لا: أنا من نسلهم.
قوله: (من يهدي بالحق، وبه يعدل؟ )، الجملة استفهامية. قال أولاً: "هل يقدر صلحاؤكم أن يزيدوا على عملهم شيئاً؟ "، ثم استأنف على الإنكار، قائلاً: من الذي على صفتهم منكم؟ من يهدي بالحق كما هدوا؟ ومن يعدل كما عدلوا؟
قوله: (وقيل: لو كانوا في طرفٍ من الدنيا): يعني: يمكن أن تحمل الآية على أنه لو قدر وفرض أن يكون من قوم موسى أمة هذه صفتهم، لجاز، وكانوا على الحق، لأنهم معذورون. فقوله: "وقيل: لو كانوا" عطف على قوله: "وقيل: إن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم".
والحاصل أنه حمل قوله: (ومن قوم موسى) أنه على وجوه:
أحدها: أنهم وجدوا في زمن موسى عليه السلام.
وثانيها: أنهم حدثوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.