مما ذُكر اسم الله عليه من الذبائح، وما خلى كسبه من السحت، (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ): ما يستخبث من نحو الدم والميتة ولحم الخنزير، وما أُهِلّ لغير الله به، أو ما خبث في الحكم، كالربا والرشوة وغيرهما من المكاسب الخبيئة.
الإصر: الثقل الذي يأصر صاحبه، أي: يحبسه من الحراك لثقله، وهو مثلٌ لثقل تكليفهم وصعوبته، نحو: اشتراط قتل الأنفس في صحة توبتهم، وكذلك الأغلال، مثلٌ لما كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة، نحو: بت القضاء بالقصاص عمداً كان أو خطأً من غير شرع الدية، وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب، وإحراق الغنائم، وتحريم العروق في اللحم، وتحريم السبت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لحوم الإبل، والشحوم، وغيرها. وإما بحسب الشرع والحكم، وهو إما في المأكول أو في غيره.
وإلى الأول أشار بقوله: "مما ذكر اسم الله عليه من الذبائح"، وإلى الثاني بقوله: "وما خلا كسبه من السحت".
وأما "الخبائث" فهو: إما بحسب استخباث العقل، كالدم والميتة، وإما بحسب الحكم، كالربا والرشوة.
والطيبات - على التفسير الثاني - هو أحرى، لاقتضاء المقام، لأن قوله: (ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ) عطف على قوله: (يَامُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ). والجملة بيان لكونه صلوات الله عليه نبياً مكتوباً في التوراة والإنجيل، لأن النبي هو الواضع للحكم والشريعة.
قوله: (من الحراك)، الجوهري: "ما به حراك، أي: حركة".
قوله: (الأغلال: مثل لما كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة): قال الزجاج: "الأغلال: تمثيل. ألا ترى أنك تقول: "قد جعلت هذا طوقاً في عنقك، وليس هناك طوق.