وأمّا "رَحْمَتِي" فمن حالها وصفتها أنها واسعةٌ تبلغ كل شيء، ما من مسلمٍ ولا كافرٍ ولا مطيعٍ ولا عاصٍ إلا وهو متقلبٌ في نعمتي.

وقرأ الحسن: "من أساء" من الإساءة، فسأكتب هذه الرحمة كتبةً خاصةً منكم - يا بني إسرائيل - للذين يكونون في آخر الزمان من أمّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورحمتي وسعت كل شيءٍ) - كالتمهيد للجواب، والجواب: (فسأكتبها).

طلب موسى عليه السلام الغفران والرحمة والحسنة في الدارين، لنفسه ولأمته خاصة، بقوله: (واكتب لنا)، وتعليله بقوله: (إنا هدنا إليك). وأجابه تعالى: بأن تقييدك المطلق ليس من الحكمة، فإن عذابي من شأنه أنه تابع لمشيئتي، فإن أمتك، لو تعرضوا لما اقتضى الحكمة تعذيب من باشره، لا ينفعهم دعاؤك لهم، وإن رحمتي من شأنها أن تعم الخلق: صالحهم وطالحهم، مؤمنهم وكافرهم، فتخصيصك لأمتك بقوله: (واكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً) [الأعراف: 156] تحجر للواسع.

قوله: (فسأكتب هذه الرحمة كتبةً خاصة منكم يا بني إسرائيل)، "من" في "منكم": للذين يكونون.

وشاهد الاختصاص ترتب (فسأكتبها) على الأوصاف المتواليات، ومنها قوله: (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجِيلِ) الآية. ولا شك أن الموصوف بها لم يوجد إلا في زمن نبي الرحمة صلوات الله عليه ممن آمن منهم.

وأما تطبيق هذا الكلام على دعاء موسى عليه السلام فإن قوله: (فسأكتبها) كالقول بالموجب، لأنه عليه السلام جعل العلة الوصف بكونهم تائبين راجعين من الذنوب إليه، بقوله: (إنا هدنا إليك). ولما لم يكن الوصف كافياً قرره وضم معه الوصف بالتقوى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015