(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ): أروها بالحيل والشعوذة وخيلوا إليها ما الحقيقة بخلافه، كقوله تعالى: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) [طه: 66]، روي: أنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخُشُباً طوالاً، فإذا هي أمثال الحيات، قد ملأت الأرض وركب بعضها بعضاً، (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ): وأرهبوهم إرهاباً شديداً، كأنهم استدعوا رهبتهم (بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) في باب السحر. روي أنهم لونوا حبالهم وخشبهم وجعلوا فيها ما يوهم الحركة، قيل: جعلوا فيها الزئبق.

(ما يَافِكُونَ): (مَا) موصولةٌ أو مصدرية، بمعنى: ما يأفكونه، أي: يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزوّرونه. أو إفكهم، تسمية للمأفوك بالإفك.

روي أنها لما تلقفت ملء الوادي من الخشب والحبال ورفعها موسى، فرجعت عصاً كما كانت، وأعدم الله بقدرته تلك الأجرام العظيمة، أو فرّقها أجزاءً لطيفةً، قالت السحرة: لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا، (فَوَقَعَ الْحَقُّ) فحصل وثبت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..

قوله: (أو إفكهم) هذا على أن تكون (ما) مصدرية، والمصدر بمعنى اسم المفعول، والمأفوك ما جعلوا فيه الزئبق.

قال الزجاج: "معنى قوله: (يأفكون) أي: يأتون بالإفك، وهو الكذب، وذلك أنهم زعموا أن حبالهم وعصيهم حيات، وكذبوا في ذلك، وإنما كانوا قد حشوها بالزئبق، وصوروها بصور الحيات".

قال أبو عبيدة: " (تلقف ما يأفكون) أي: تلقم ما يسحرون ويكذبون".

قوله: ((فوقع الحق): حصل وثبت). استعير للثبوت وللحصول الوقع، لأنه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015