فإن قلت: كيف قال له: (فَاتِ بِها) بعد قوله: (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ)؟ قلت: معناه: إن كنت جئت من عند من أرسلك بآيةٍ فأتني بها وأحضرها عندي لتصح دعواك ويثبت صدقك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد روي أن عدو الله قال: كذبت. وكان قوله: "أنا حقيق على قول الحق"، جواباً عن إنكاره، كقولهم في المرة الثانية: (إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) [يس: 16].

فعلم من هذا البيان أن قوله: (حقيق على أن لا أقول) - على هذا - يجب أن يكون خبر مبتدأ محذوف ما، بخلافه على الوجوه السابقة.

قال أبو البقاء: " (حقيق) هاهنا على الصحيح: صفة لـ (رسول)، أو خبر ثانٍ، كما تقول: أنا حقيق بكذا، أي: أحق".

وقال صاحب الكواشي: "قرئ: (حقيق على أن لا أقول)، فـ (حقيق) على هذا صفة (رسول)، فلا تقف على (العالمين). وإن جعلت (حقيق) خبر مبتدأ - أي: أنا حقيق - وقفت عليه".

قوله: (كيف قال له: (فأت بها إن كنت من الصادقين)): أي: كيف قيد جزاء الشرط بالشرط؟ وما معناه؟

خلاصة الجواب: أن الشرط الثاني كالتأكيد والتعليل. ولهذا قال: "لتصح دعواك، ويثبت صدقك".

وقد مر عن أبي البقاء أن الشرط الثاني جوابه ما يدل عليه الشرط الأول مع جوابه، فالتقدير: إن كنت من الصادقين فأت بآية إن كنت جئت بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015