أي: استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرّين، لا يرعوون ولا تلين شكيمتهم في كفرهم وعنادهم مع تكرر المواعظ عليهم وتتابع الآيات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منهم التكذيب قبل مجيئهم. وأما أن يحمل على الاستمرار، فالمعنى أنهم لم يؤمنوا قط، فاستمر تكذيبهم لما حصل منهم التكذيب، حتى مجيء الرسل. ولما اشتمل الفعل على معنى الاستمرار في الحالات، وتلك الحالات متعاقبة، صح أن يقال: "بما كذبوا به أولاً".

والوجه الأول مناسب لأصولهم، يعني: إنما لم يؤمنوا بالرسل لما خالفوا، قبل مجيئهم، عقلهم الهادي، فلما أبطلوا استعدادهم لم ينفعهم مجيء الرسل.

والثاني موافق لمذهب أهل السنة، لأن العقل غير مستقل، لابد من انضمام إنزال الكتب، وبعثة الرسل معه، فهؤلاء لما كذبوا الرسل والآيات، ولم تؤثر فيهم دعوتهم المتطاولة، والآيات المتتابعة، لا جرم لم يؤمنوا إلى آخر أعمارهم.

وهذا أنسب من الأول، لقوله تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الكَافِرِينَ) [الأعراف: 101]، ووضعه المظهر موضع المضمر يعني: سبب الطبع كفرهم بآيات الله والرسل.

ولهذا قال الزجاج: " (كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين): يدل على أنه قد طبع على قلوبهم بكفرهم، فما كانوا ليؤمنوا وقد طبع الله على قلوبهم".

قوله: (لا يرعوون): أي: لا يمتنعون ولا ينزجرون.

النهاية: "رعا يرعو: إذا كف عن الأمور. وقد ارعوى عن القبيح، يرعوي ارعواء".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015