(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا): (إذ) مفعولٌ به غير ظرف، أى: واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلاً عددكم، (فَكَثَّرَكُمْ) الله ووفر عددكم. قيل: إن مدين بن إبراهيم تزوّج بنت لوطٍ فولدت، فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء، فكثروا وفشوا. ويجوز: إذ كنتم مقلين فقراء فكثركم، فجعلكم مكثرين موسرين، أو كنتم أقلة أذلةً فأعزكم بكثرة العَدَدِ والعُدَد. (عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم، كقوم نوحٍ وهود وصالحٍ ولوط، وكانوا قريبي العهد مما أصاب المؤتفكة.
(فَاصْبِرُوا): فتربصوا وانتظروا، (حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا) أي: بين الفريقين، بأن ينصر المحقين على المبطلين ويظهرهم عليهم. وهذا وعيدٌ للكافرين بانتقام الله منهم، كقوله: (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) [التوبة: 52]، أو هو عظةٌ للمؤمنين، وحثّ على الصبر واحتمال ما كان يلحقهم من أذى المشركين إلى أن يحكم الله بينهم وينتقم لهم منهم.
ويجوز أن يكون خطاباً للفريقين، أي: ليصبر المؤمنون على أذى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الكلام ترق، يعني: ما كفاكم أنكم توعدون الناس عن متابعته، وتصدونهم عن سبيله، حتى تصفونه بالاعوجاج، ليكون الصد بالبرهان والدليل؟ !
قوله: (مما أصاب المؤتفكة): المؤتفكات: قريات لوط، لأنها ائتفكت وانقلبت.
الجوهري: "الأفك - بالفتح - مصدر: أفكه يأفكه، أي: قلبه وصرفه عن الشيء".
قوله: (وهذا وعيد للكافرين): وفي إتيان حرف الشرط دلالة على تناهي إقناطه من رجوعهم، والإقلاع عن تماديهم، وأن البلاء لابد أن ينزل عليهم، وإن كان فيهم الصلحاء