سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ* وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)].

كان يقال لشعيب عليه السلام: خطيب الأنبياء؛ لحسن مراجعته قومه، وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين، (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ): معجزةٌ شاهدةٌ بصحة نبوّتي أوجبت عليكم الإيمان بي، والأخذ بما آمركم به والانتهاء عما أنهاكم عنه، فأوفوا ولا تبخسوا.

فإن قلت: ما كانت معجزته؟ قلت: قد وقع العلم بأنه كانت له معجزةٌ، لقوله: (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)،

ولأنه لا بدّ لمدعي النبوة من معجزة تشهد له وتصدقه، وإلا لم تصح دعواه، وكان متنبئاً لا نبياً، غير أنّ معجزته لم تذكر في القرآن، كما لم تذكر أكثر معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كانت له معجزة، لقوله: (قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ)): قال الزجاج: "قال بعض النحويين: لم يكن لشعيب معجزة. وهذا غلط فاحش، لأنه تعالى قال: (قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا) فجاء بالفاء، أي: أمرهم بالإيفاء بعد مجيء البينة، ولو ادعى مدعٍ النبوة بغير آية، لم يقبل منه، لكن الله لم يذكرها، فلا يدل على عدمها".

يريد الزجاج أن الفاء في (فأوفوا) سببية فيما يلزم من قوله: (قد جاءتكم بينة).

وإلى هذا المعنى أشار المصنف بقوله: " (قد جاءتكم بينة من ربكم): معجزة شاهدة بصحة نبوتي، أوجبت عليكم الإيمان بي، والأخذ بما آمركم به، (فأوفوا) ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015