عن الضلالة. وقرئ: (أبلغكم) بالتخفيف.
فإن قلت: كيف موقع قوله (أُبَلِّغُكُمْ)؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما: أن يكون كلاماً مستأنفاً بياناً لكونه رسول رب العالمين. والثاني: أن يكون صفةً لـ (رسول).
فإن قلت: كيف جاز أن يكون صفةً، والرسول لفظه لفظ الغائب؟ قلت: جاز ذلك، لأن "الرسول" وقع خبراً عن ضمير المخاطب، وكان معناه، كما قال:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِ أُمِّي حَيْدَرَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألا ترى أن صالحاً عليه السلام لما لم يعترضوا عليه، عقب بإثبات الرسالة إثبات التوحيد في قوله: (اعْبُدُوا اللَّهَ) إلى: (قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ) [الأعراف: 73].
ففيه خمسة أنواع من الأنواع البديعية. فإذا اقتضى المقام هذا الإطناب، كان الاقتصار على تلك العبارة تقصيراً، والله أعلم.
قوله: (وقرئ: "أبلغكم" بالتخفيف): أبو عمرو.
وقوله: (لأن "الرسول" وقع خبراً عن ضمير المخاطب) بكسر الطاء، أي: المتكلم، في قوله: "لكني"، كأنه قال: لكني أبلغكم رسالات ربي. فأقحم (رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ) للإبهام، ثم بينه بقوله: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي) تفخيماً وتعظيماً. ومن ثم زيد قوله: (رَّبِّ العَالَمِينَ).