. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأبلغية؟ ولو لم ترد المبالغة، لكان مقتضى الظاهر أن يقال في جواب (إنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ): ليس بي ضلال، فلما أثبتوا النوع نفى الوحدة.

فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: إنه عليه السلام نفى الجنس لتنتفي الماهية، فيحصل المقصود؟

قلت: فإذن يفوت مقتضى العدول من لفظ "الضلال" إلى "الضلالة" وإرادة التردة منها، لأن نفي الشيء مع الصفة في مقام نفيه أبلغ من نفيه وحده، كما ستقف عليه في قوله تعالى: (ولا شَفِيعٍ يُطَاعُ) [غافر: 18]، ولأن نفي الوحدة لإرادة انتفاء الماهية أبلغ من العكس، لمكان الكناية، واستلزام الاستغراق بحسب أفراد الجنس، كما قال صاحب "المثل السائر": "فإذا نفى نوح عليه السلام عن نفسه المرة الواحدة من الضلال، فقد نفى ما فوقها من المرتين والمرات الكثيرة، فظهر أن التركيب إنما يفيد المطلوب إذا وقع جواباً مع إرادة المبالغة، لا بالنظر إلى اللفظ من حيث هو هو.

ألا ترى إلى أن قوله تعالى: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة: 15] إنما كان أبلغ من قوله: (إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة: 14] حيث وقع جواباً له؟ ولو نظر إلى اللفظ فقط كان هو أحط منه بدرجاتٍ كثيرة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015