. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(والبلد الطيب) الآية، بالنظر إلى قوله: (كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تمثيل. وتقديره: إنا بينا تلك الآيات الدالة على القدرة الباهرة، والعلم الكامل، لعلكم تتفكرون فيها، أيها النظار، لتعلموا أنكم إلينا ترجعون، لكن لا تنجع تلك الآيات إلا فيمن شرح الله صدره، فيخرج نبات فكره طيباً، ومن جعل صدره ضيقاً لا يخر نبات فكره إلا خبيثاً، فلا يرفع بها رأساً، (كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ).
روينا عن البخاري ومسلم، عن أبي موسي، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيثٍ أصاب أرضاً، فكانت منها طائفة طيبة، قبلت الماء، فأنبتت الكلا والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفةً منها أخرى، إنما هي قيعان، لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله عز وجل ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". وسيجيء شرحه في سورة الأنبياء.
وإليه أشار المصنف بقوله: "هذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين، ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك".
ثم في إيثار "الطيب" وهو صفة مشبهة في مقابل "الذي خبث" الدال على تجدد الفعل إيماء إلى معنى ما ورد في "صحيح مسلم" عن عياضٍ المجاشعي: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في خطبته عن الله عز وجل: "إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم