. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعني: يلزم على قراءة حميد، أن يكون الطالب النهار، والليل ملحق به، والطلب بالنهار أولى، والليل أحسن أن يكون ملحقاً به.
قال ابن جني: "يغشى الليل النهار" - على قراءة حميد - حال من قوله: (ثم استوى على العرش)، والعائد محذوف، أي: يغشى الليل النهار بأمره أو بإذنه، وإنما التزم هذا الحذف لتتفق القراءتان. فقوله: (يطلبه حثيثاً): يدل من قوله: "يغشى الليل النهار" للتوكيد. وعلى قراءة الجماعة: حال من (لليل)، أي: يغشى الليل النهار طالباً له حثيثاً، و (حثيثاً): حال من الضمير في (يطلبه). ووجه التقاء القراءتين أن الليل والنهار يتعاقبان، وكل واحد منهما فاعل، وإن كان مفعولاً فإن كل واحدٍ منهما مزيل لصاحبه، على أن الظاهر في الاستحثاث هو النهار، لأنه بسفوره وشروقه يظهر أثر الاستحثاث، لأن ضوء النهار هو الهاجم على الظلمة، ويطالبه حثيثاً، وقوله: (يطلبه حثيثاً) على هذا: حال من (النهار)، وإن كان مفعولاً، كقولك: "ضربت هند زيداً مؤلمةً له". فإن "مؤلمةً له" يجوز أن يكون حالاً من كل واحد منهما، لما اشتمل على ضميرهما. وهو نظير قوله: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ) [مريم: 27]، (تحمله) يجوز أن يكون حالاً من كل واحد منهما، ومنهما معاً.
قلت: قوله: "على أن الظاهر في الاستحثاث هو النهار": هو المراد من قول المصنف: " (يطلبه حثيثاً): حسن الملاءمة لقراءة حميد". هذا هو التحقيق، لا ما قال صاحب "التقريب": "حسن الملاءمة اتحاد الإسناد، ورجوع الضمير إلى الأقرب"، وتبعه الجمهور.
والذي يؤيد قول ابن جني قوله تعالى: (وآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) [يس: 37].