. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية كالخاتمة لجميع ما سبق، والتخلص إلى مشرع آخر من التذكير بالدلائل الدالة على القدرة الباهرة، وتعداد أحوال الأمم السالفة، تنبيهاً للغافلين، وتبصرةً للمتذكرين، وعبرة للمعتبرين.
فإذن الآية متصلة بفاتحة السورة وبما بعدها، على سبيل الاعتراض، والتخلص، وذلك أنه تعالى لما نهاه عن ضيق الصدر، وعلله بإنزال هذا الكتاب المعجز، كما سبق، ثم أمره بأن ينذرهم، بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ولا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) [الأعراف: 3]، ويذكرهم بقوله: (ولَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ) الآية [الأعراف: 10] ما أولاهم من نعمة التمكين، وما خولهم من الكرامة، بأن جعل أباهم مسجوداً للملائكة، وطرد الشيطان بسبب امتناعه عن السجود، وحذرهم عن متابعته، وأدمج الكلام بعضه في بعض، على أساليب عجيبة، وفنون غريبة - عقبه بقوله: (ولَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ) أي: جئناهم بمثل هذا الكتاب الظاهر التفصيل، البين التأويل، الهادي السعداء إلى الصراط المستقيم. ثم بقوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ تَاوِيلَهُ) أي: ما لهم بعد هذا التفصيل والتوضيح لا يؤمنون، وينتظرون فيما ينتظرون، إلا يوم يأتي عاقبة أمره، وما نطق به من قوارع الساعة، حتى "لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل"، وحينئذٍ يقولون متحسرين نادمين: (فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)!
فما أخسرهم! وما أوخم مآل أمرهم!
ثم قال: (وضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: يفترونه في إبطال ما أنزل عليهم.