وكذلك قول المؤذن بينهم: "لعنة الله على الظالمين"، وهو ملك يأمره الله فينادي بينهم نداءً يُسمِعُ أهل الجنة وأهل النار. وقرئ: (أنّ لعنة الله) بالتشديد والنصب، وقرأ الأعمش: "إن لعنة الله" بكسر "إن" على إرادة القول، أو على إجراء (أَذَّنَ) مُجرى "قال".

فإن قلت: هلا قيل: ما وعدكم ربكم، كما قيل: ما وعدنا ربنا؟ قلت: حذف ذلك تخفيفاً لدلالة (وعدنا) عليه، ولقائلٍ أن يقول: أطلق ليتناول كل ما وعد الله من البعث والحساب والثواب والعقاب وسائر أحوال القيامة؛ لأنهم كانوا مكذبين بذلك أجمع، ولأن الموعود كله مما ساءهم، وما نعيم أهل الجنة إلا عذاب لهم فأطلق لذلك.

[(وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ)].

(وَبَيْنَهُما حِجابٌ) يعني: بين الجنة والنار، أو بين الفريقين، وهو السور المذكور في قوله تعالى: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) [الحديد: 13].

(وَعَلَى الْأَعْرافِ): وعلى أعراف الحجاب - وهو السور المضروب بين الجنة والنار-، وهي أعاليه، جمع "عُرفٍ"، استعير من عرف الفرس وعرف الديك،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ: "أن لعنة الله" بالتشديد والنصب): ابن عامر وحمزة والكسائي.

قوله: (أطلق ليتناول كل ما وعد الله)، يعني أن الله تعالى وعد المؤمنين الثواب، والكافرين العقاب، فلو قيل: "وعدكم" لاختص بالعقاب، لأن المخاطبين أصحاب النار، كما أن (وعدنا) مختص بالثواب، يدل عليه ذكر الجنة والنار في قوله: (ونَادَى أَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ). فأطلق ليتناول الثواب والعقاب، وما يتصل بهما. يعني: هل وجدتم الوعود كلها صدقاً؟ توبيخاً وتقريعاً. أو قالوا كلك شماتةً بهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015