وأن يراد بهم ناس بأعيانهم كأبى لهب وأبى جهل والوليد بن المغيرة وأضرابهم، وأن يكون للجنس متناولا كلّ من صمم على كفره تصميما لا يرعوى بعده وغيرهم، ودل على تناوله للمصرين الحديث عنهم باستواء الإنذار وتركه عليهم، و (سَواءٌ) اسم بمعنى الاستواء وصف به كما يوصف بالمصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البزدوي بقوله: "دليل الخصوص يشبه الناسخ بصيغته؛ لأنه نص قائمٌ بنفسه"، فعلى هذا: "إن الذين كفروا" لفظٌ مطلقٌ يتناول كل من صمم على الكفر ومن لم يصمم؛ فدل على تناوله- أي: إرادته- المصرين هاهنا حديث استواء الإنذار وتركه، ودل على تناوله المنافقين انضمام قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 8] معها.
قوله: (وأن يراد [بهم] ناسٌ بأعيانهم) عطفٌ تفسيري.
قوله: (من صمم)، الجوهري: صمم في السير، أي: مضى، وصمم، أي: عض ونيب فلم يرسل ما عض.
قوله: (لا يرعوي)، النهاية: في الحديث "شر الناس رجلٌ يقرأ كتاب الله ولا يرعوي إلى شيءٍ منه" أي: لا يكف ولا ينزجر عن منهياته، وقد ارعوى عن القبيح يرعوي ارعواءً، وقيل: الارعواء: الندم على الشيء والانصراف عنه وتركه.
قوله: (كما يُوصف بالمصادر) روي عن المصنف: الوصف بالمصدر نحو رجل صومٌ وعدلٌ على وجهين: أن يقدر مضافاً محذوفاً، أي: ذو صومٍ، وذو عدلٍ، وأن يُجعل أنه تجسيمٌ من الصوم والعدل مبالغةً. والمبالغة ها هنا أن الإنذار وعدم الإنذار نفس السواء.