والتمني على اللَّه ما لا تقتضيه حكمته ولم تسبق به كلمته.

اللهمّ زينا بلباس التقوى، واحشرنا في زمرة من صدرت بذكرهم سورة البقرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (والتمني على الله ما لا تقتضيه حكمته) معناه: توقع الثواب من غير عملٍ باطلٌ، لامتناع الثواب بدون العمل على مذهبه، وتلخيص كلامه: أن المتقي من صدر منه تلك الخصال المذكورة، فمن أخل بشيءٍ منها لم يكن متقياً، ومن لم يكن متقياً لم يكن مفلحاً، بدليل تكرير ما كُرر، ومن لم يكن مفلحاً، لا خلاص له من العذاب السرمد.

وأجاب القاضي: المراد بالمفلحين: الكاملون في الفلاح، ويلزم عدم كمال الفلاح لمن ليس على صفتهم، لا عدم الفلاح رأساً.

وقلت: يمكن أن يقال: إن قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة: 3] صفةٌ مادحةٌ، أو مخصصةٌ على ما قررناه، لا كاشفةٌ ولا مخصصة على ما ذكره من التفسير للمتقي لما أبطلناه، وأن المراد بالمتقين المجتنبون عن الشرك، فيدخل العاصي في هذا الحكم، وهذا التأويل أوفق لتأليف النظم مما ذهب إليه المصنف لدخول أكثر المسلمين في الحكم، فتتطابق هذه الآية وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ) [البقرة: 6] وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ) [البقرة: 8] ويحسن تقسيمه.

افتتح سبحانه بذكر الذين أخلصوا دينهم، وواطأت قلوبهم ألسنتهم، ثم ثنى بالذين محضوا الكفر ظاهراً وباطناً، ثم ثلث بالذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، إذ لو حُمل على ما قال، لم يدخل فيه سوى الأفراد منهم كقوله تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13].

فإن قلت: كيف جاز أن يكون العاصي مفلحاً؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015